Jan 14, 2009

في الطريق

انتهيت من محاضراتي مبكرا ذلك اليوم، فودعت أصدقائي و انطلقت إلى المحطة لأنتظر الأتوبيس.
وصلت إلى المحطة و وقفت أنتظر ... أنتظر .. أنتظر .. طال انتظاري فقررت ركوب التاكسي فلم يكن لدي متسع من الوقت يسمح لي بالانتظار أكثر. شاورت إلى تاكسي قادم فتوقف، سألت السائق " النادي الأهلي ؟؟ " فأومأ برأسه نعم فركبت و انطلقنا على الطريق.
و بينما كنت جالسة، كنت أتجول بنظري بين الناس، أتجول بعيني في الشارع المصري .. أرى أحواله و أحوال الناس، أنظر إلى وجوههم لأرى تعبيراتهم و أسمع عباراتهم.
و بينما أنا على هذا الحال، قفز سؤال إلى ذهني و كان كل مدى يكبر و يتضخم ، يبحث عن إجابة واضحة صريحة .. ماذا يحدث ؟؟ ما هذا الذي أراه؟؟ أناس تتشاجر، صوتها عال دائما، لا أحد يتحمل الآخر، لا يتحمل أن تصدر منه حركة أو تخرج من فمه كلمة، سيارات مسرعة في كل اتجاه، الكل متعجل .. يصدر نفير السيارات كأنما يقول " هيا، هيا، تحرك .. ليس لدى وقت لك "
ما هذة التعبيرات على وجوه البشر ؟؟ حزن، هم، ضيق .. كنت أنظر و أتعجب و أبحث عن الإجابة .. أهي ضغوط الحياة ؟؟ أم هم داخلي و حزن في نفس كل واحد ؟؟ لم أجد تفسيرا لكل هذا !!!
عندما تأتي جدتي عندنا، أجلس معها و نتحدث كثيرا .. أحب حديثها .. فهو ممتع، لذيذ، شيق .. تحدثني عن ذكراياتها .. تحدثني عن زمنها و زمن أبي و أمي و أعمامي و أخوالي .. تحدثني عن الحياة و كيف كانت في هذا العصر، و لكم كنت أضحك عندما تخبرني ماذا كانت تفعل بالربع جنيه الذي كان مصروفها اليومي في المنزل .. فقد كنت لا أصدق أن الحياة كانت ميسرة في هذا الوقت إلى ذلك الحد .. فالآن هذا الربع جنيه لا يشتري حتى حلوى للطفل الصغير.
تذكرت كل هذا و أنا جالسة في التاكسي، أنظر إلى أحوال الناس و أتأملها .. و تسائلت .. أين هذة الحياة التي تحدثني عنها جدتي ؟؟ لماذا لم تعد موجودة الآن ؟؟ فالفرق ليس كبيرا لهذا الحد ما بين زمنها و هذا الزمن. أين ذلك الهدوء النفسي الذي كان يسود الناس ؟؟ أين تلك السعادة التي كانت ترفرف على قلوبهم ؟؟ و تلك البسمة التي كانت على شفاههم ؟؟ لماذا يبدو الناس بهذا الحزن و الضيق ؟؟ أين الصبر؟؟ أين تحمل الآخر ؟؟ أين تلك النفوس الصافية الراضية ؟؟
جلست ذلك اليوم ليلا في غرفتي أفكر و أفكر و أفكر .. أفكر في إجابات لهذة الأسئلة التي تحيرني و توصلت إلى إجابات تبدو معقولة في نظري و ربما هى جزء من الإجابات التي أبحث عنها.
لأجد هذة الأجوبة، عقدت مقارنة مابين الوقت الماضي و الوقت الحاضر، فوجدت إختلافات كثيرة و تغيرات جذرية حدثت في حياتنا الآن.
فضغوط الحياة زادت أضعاف مضاعفة، لم يعد الرزق ميسرا كما كان الحال زمان .. أصبحت الحياة عسيرة خصوصا مع تزايد الأسعار هذة الزيادة الهائلة .. فانظر إلى الجنيه ماذا كان يفعل زمان و ماذا يشتري في الوقت الحاضر .. ليس هناك وجه مقارنة !!! .. كما لم يعد هناك وقت للترفيه .. لم تعد الأسرة المصرية كما كانت مجتمعة يقضي أفرادها أوقاتهم معا .. فالآن تجدها مفككة، كل فرد فيها في مكان بعيد عن الآخر .. تجد الأب و الأم لا يعرفون شيئا عن حياة أبنائهما و هذة مشكلة كبرى.
و لكن الأهم من كل ذلك، أن كثير من الناس لم يعد راض.. لم تعد الناس راضية عن حالها و تتذمر دائما .. تقول دائما ليس هناك مجال لإصلاح الحال .. و لكني في الحقيقة، أرى عكس ذلك تماما.. فالفرص موجودة و لكنها تحتاج إلى مجهود للبحث عنها و مجهود أكثر لاغتنامها و العمل بها.
و لكن الناس أصبحت أكثر كسلا و أكثر يأسا ... و نتكلم كثيرا كثيرا عن التغيير و كيف نريده و لكن .. ما أكثر الكلام و ما أقل الفعل !!!!
فالتغيير ليس بالكلام بل هو بالمجهود و الإرادة .. الإرادة .. الإرادة ، و إرادة التغيير هذة تنبع من الداخل .. فلا يمكنني إقناعك بفعل شئ إلا إذا كنت مقتنعا به تمام الإقتناع.
و بينما أنا على حالي هذا .. أفكر .. كانت الساعة قد دقت معلنة أنها قد تجاوزت الواحدة ليلا، فقمت إلى سريري و أغمضت عيني و رحت في سبات عمييييييييييق.

No comments:

Post a Comment