(60): علّمتني..

علّمتني الأيام أن لكل كلمة وموقف حكمة..

لا شيء صدفة.. كل شيء محسوب منظّم مُقدَّر..

علّمتني الأيام أن كما تدين تدان...

فالله لا ينسى, والزمن يدور على الإنسان..

علّمتني الأيام أن خير الأمور أوسطها... في كل شيء...

في الكلام وفي الصمت, في الكره وفي الحب, في الحزن وفي الفرح, في السكينة وفي الغضب, حتى في الاشتياق والأمل...

علّمتني الأيام ألا أثق بأحد ثقة عمياء, فأُخذَل...

ولا أخوِّن أحد تخوين أعمى, فأُبعَد..

علّمتني الأيام ألا أتكبّر ولا أتجبّر...

فنحن من تراب, منه وإليه نعود..

علّمتني ألا أحزن على شيء فات ولا أشتاق لشيء آت...

فالعقل البشري ليس قادرا على تحليل ما خير له وما شر...

وما عليَّ إلا السعي والثقة بالله واليقين..

علّمتني الأيام أن المرتبط بالدنيا مهموم, أمّا المرتبط بالله سعيد لا محروم...

علّمتني الأيام لماذا نتحدّث ومع من نتحدّث وكيف ومتى نتحدّث..

وأن الصمت في أحيان كثيرة أبلغ من أي كلام...

علّمتني الأيام أن ليس كل الناس سواء...

وأن النوايا والأفعال هي من تصنع الأصدقاء والأعداء..

علّمتني أن العمى ليس عمى البصر وإنّما عمى البصيرة...

وأن الحقَ حق واحد والباطل أشكاله متعددة...

ومهما طال زمن الباطل وجبروته, فهو زاهق والحق منتصر..

علّمتني الأيام أنه لا راحة في تلك الدنيا...

فقد خُلِقنا في كبد وهي "دنيا" أولا وأخيرا...

علّمتني الأيام أن الراحة راحة البال...

وتلك لا تجدها إلا في ذكر الله والسجود والصلاة..

لا تجدها إلا بالقرب من ملك الملوك, مُقلِّب القلوب...

إليه وحده الملجأ والمشتكى...

علّمتني الأيام الفرق بين الرضا والسخط...

علّمتني الفرق بين الأخذ بالأسباب والتعلّق بها..

علّمتني معنى "أمرُهُ كُلّهُ خير"...

علّمتني الأيام أننا كلنا خطّائين...

صغارنا وكبارنا.. شبابنا وشيوخنا... رجالنا ونساؤنا...

وأن إدراك الخطأ والاعتذار عنه ثقافة المحترم القوي...

وأن خيرنا من استغفر وتاب...

علّمتني الأيام أن كلّما تعلّمت. تألمت..

لكن كلّما تعلّمت ارتفعت...

وكلّما اتقيت, ارتقيت..

أخيرا وليس آخرا...

علّمتني الأيام أنها ليست من تعلّمني...

علّمتني أن هو وحده الرب المُعلّم المُربّي...

وأن عليه وحده جبر الخواطر والقلوب...